قال
تعالى {وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ
مُّبِينٌ } (62) سورة الزخرف و يتبين من الآية أن الشيطان عدو للإنسان يريد
صده عن الطاعة و يتضح منها كذلك أن عداوته بيـّـنة واضحة جلية و لذلك فهو
يستدرج الإنسان خطوة خطوة حتى يقع في حبائله و لذا كان عليه الصلاة و
السلام يستعيذ بالله من الشيطان و شرّكه – و الشرّك هو الفخ – و لذا فقد
حذرنا الله عز و جل من إتباع خطوات الشيطان في أكثر من موضع في كتابه
الكريم حيث قال { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (168) سورة البقرة و تكرر هذا الجزء من الآية
الكريمة بنفس الكلمات في الآية (208) سورة البقرة و كذلك الآية (142) سورة
الأنعام و قال تعالى في سورة النور {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } (21) سورة
النــور و فيما يلي بيان لطرق الشيطان في إغواء الإنسان :
أولا ً : الشرك بالله
وهي
الغاية الكبرى التي يهدف إليها الشيطان و من أجلها قد يتبع خطة تمتد
لعشرات السنين فإن أفلح و ظفر من أبن آدم بما يريد فقد أهلكه ، إذ يقول
الحق سبحانه و تعالى { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ
اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} (72) سورة المائدة و يقول
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ
ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا
عَظِيمًا } (48) سورة و يقول {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا } (116) سورة النساء و إن سبقت للعبد من الله
الحسنى و عصمه الله من الشرك فإن الشيطان يحاول معه بالوسيلة الثانية..
ثانيا ً : البدعة
و
المبتدعة هم أعداء الرسل إذ أنهم هم الذين غيروا دين الله و أمروا الناس
أن يتعبدوا لله بشرع لم يأت به نبينا الكريم عليه الصلاة و السلام و البدعة
بوابة الكفر إذ أن خطر المبتدع أعظم من خطر العصاة فقد يتوب العاصي و يرجع
إلى الله أما المبتدع فقلما يتوب لأنه يعتقد إن البدعة هي عين السنة – لذا
وجب على المسلم أن يسأل أهل العلم عن كيفية العبادة الصحيحة - فإن أفلح
الشيطان و ظفر من أبن آدم بما يريد فقد أهلكه إذ يقول عليه الصلاة و السلام
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " و قال " ومن عمل عملا ً ليس
عليه أمرنا فهو رد " و إن سبقت للعبد من الله الحسنى و عصمه الله من
الإبتداع فإن الشيطان يحاول معه بالوسيلة الثالثة..
ثالثا ً : الكبائر
يجتهد
الشيطان في إيقاع العبد في الكبائر عن طريق تزيينها له و ينفث في أذنه أن
الله غفور رحيم و يمنيه بطول الأجل و أنه سيتوب بعد أن يفعل المعصية و قد
يستغرق الأمر عدة أعوام من الشيطان حتى يستطيع أن يوقع العبد في كبيرة
واحدة يظل بعدها متلطخا ً بآثارها ، و للشيطان أعوان من بني آدم يقومون
بعمله فيصغرون الكبائر في أعين أصحابها حتى يعتادها فإن أفلح الشيطان و ظفر
من أبن آدم بما يريد فقد أهلكه إذ يقول عليه الصلاة و السلام " اجتنبوا
السبع الموبقات " – و الموبقات أي المهلكات – و ذكر بعدها أعمالا ً عدها من
الكبائر – مثل قتل النفس بغير حق – و إن سبقت للعبد من الله الحسنى و عصمه
الله من الكبائر فإن الشيطان يحاول معه بالوسيلة الرابعة..
رابعا ً : الصغائر
و
لكونها صغائر فإن الكثير من الناس يفعلها بلا حرج على الرغم من أن إصرار
العبد على الصغائر أعظم من إتيانه الكبائر لأن تكرار الصغيرة يقسي القلب و
ينزع هيبة الله منه لذا فإياك أن تنظر إلى صغر المعصية و لكن أنظر إلى عظم
من عصيته و اعلم أنه قد يكون الذنب من الصغائر و لكن الإصرار على فعله يعد
من الكبائر ، فإن أفلح الشيطان و ظفر من أبن آدم بما يريد فقد أهلكه إذ
يقول عليه الصلاة و السلام " إياكم و محقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل
حتى يهلكنه "
و إن سبقت للعبد من الله الحسنى و عصمه الله من الصغائر فإن الشيطان يحاول معه بالوسيلة الخامسة..
خامسا ً : التوسع في المباح
و
المباح هو ما أستوى طرفاه فلا مدح فيه و لا ذم ، و التوسع فيه يفوّت على
العبد من العبادات ما هو أعظم أجرا ً فمن يعمل ثلثي اليوم و ينام الثلث
الباقي فإن عمله يلهيه عن ذكر الله و يأخذ وقت كان ينبغي للعبد أن يجعل فيه
وردا ً ثابتا ً ( قرآن – إستغفار ... إلخ ) و التوسع في الأكل يؤدي إلى
خمول الناس فلا يقومون للصلاة إلا كسالى – و يتضح هذا في صلاة التراويح في
رمضان - قال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ
مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ} (31) سورة الأعراف و كم ضيع الناس في التوسع في المباحات
من عبادات فتراهم يتهافتون على شراء أحدث الأجهزة و لا يتصدقون على الفقراء
إلا من رحم ربي و إن سبقت للعبد من الله الحسنى و عصمه الله من التوسع في
المباحات فإن الشيطان يحاول معه بالوسيلة السادسة..
سادسا : الإشتغال بالمفضول عن الفاضل
فإذا
لم يستطع الشيطان أن يوقع أبن آدم في الشر فهو على الأقل يقوم بتقليل خيره
إذ أنه من المعلوم أن الأعمال الصالحات درجات و لأن العمر لن يكفي لفعل كل
الطاعات فعلى العاقل أن يبحث عن أفضل الأعمال الصالحة و أعظمها أجرا ً
ليفعلها و لذا لم يكن الصحابة – رضوان الله عليهم – يفعلون ما خطر على
بالهم من أعمال خيـّـرة و إنما كثر سؤالهم الرسول الكريم صلى الله عليه و
سلم عن أفضل الأعمال و أحبها إلى الله تعالى لذا فعليك عندما تريد أن تفعل
الخير أن تبحث عن أعلى الخير لتفعله
و بالجملة فإن الشيطان لن
يدع أبن آدم يهنأ بالطاعة أبدا ً و أنما سيحاول جاهدا ً أن يكون له نصيب
فيها {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ
الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ
خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ
أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}(16) (17) سورة الأعراف ....
أعاذنا الله و إياكم من الشيطان و شرّكه ... اللهم آمين