وقفة مع آية \ الدعوة والقوة
قال تعالى ((لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنّ اللّهَ قَوِيّ عَزِيزٌ)) الحديد\25
ان الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وهو أعلم بما يصلحهم وما ينفعهم ولكن من الناس من يتقبل الكلمة الطيبة فينصلح حاله ويُقبل على طاعة الله ومنهم من لا يسمع الى الكلمة الطيبة ويعاند ويكابر وهو يعلم انه الحق فهذا يلزَمه مع الكلمة الطيبة القوة لكي يسير على الدرب السوي او يُقضى عليه فتتخلص الأمة من فساده وشره .
ومن هنا كان دفْع الله الناس بعضهم ببعض عندما لا تكفي الحكمة والموعظة الحسنة ليقضي على الفساد وأهله فيعم الخير ويصلح أمر الناس ((وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لّهُدّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنّ اللّهَ لَقَوِيّ عَزِيزٌ)) الحج\40
هذه الآية الكريمة من كتاب الله عامة في القوة والدعوة :
1ـ يبين الله سبحانه وتعالى في بداية الآية أنه سبحانه وتعالى ارسل الرسل للناس ومعهم الأدلة على صدقهم بأنهم رسل من عند الله جل جلاله كما يبين سبحانه وتعالى انه يرسل مع رسله الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه فيقام بينهم العدل ويستوفي كل ذي حق حقه يقول تعالى(( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ))
2ـ بعد ان ذكر الله سبحانه وتعالى انه يرسل رسله بالبينات ذكر سبحانه وتعالى انه انزل كذلك الحديد وهو كناية عن القوة لينصر دين الله بالجهاد فالقوة هي السبيل لدفع الفاسدين المعاندين لحجج الله وبيناته , وبين سبحانه وتعالى ان القوة فيها منافع للناس فهي تقضي على الظلم وتنشر الأمن والأمان بين الناس و قال تعالى((وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ ))
3ـ وفي خاتمة الآية يبين الله سبحانه وتعالى ان ميدان القتال هو الذي يميز الخبيث من الطيب ويظهر للناس من ينصر دين الله ومن يخذله .
وهكذا فإن القوة التي جعلها الله سبحانه وتعالى في الدنيا ووسائل القتال هي المحك الذي يميز الناس : من ينصر الله ممن يخذله ومن يقاتل في سبيل الله لإعلاء كلمته ممن يقاتل رياءً ونفاقا((وَلِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنّ اللّهَ قَوِيّ عَزِيزٌ))
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب